في عالم تصميم تجربة المستخدم (UX Design)، تُعتبر دراسات الحالة أداةً أساسية لعرض المشاريع وإثبات الكفاءة. لكنّ نمطاً متكرراً بدأ يطغى على الكثير منها: التركيز المفرط على سرد الخطوات العملية (البحث، التصميم، الاختبار) دون ربطها بوضوح بالنتائج الملموسة. هل تحوّلت هذه الدراسات إلى مجرد “مسرحية” لإبهار القارئ بكمّ العمل، بدلاً من إقناعه بفاعلية الحلول؟ وهل حان الوقت لمراجعة هذا النهج؟
المشكلة: حين تصبح العمليات غايةً وليس وسيلة غالباً ما تُقدم دراسات الحالة في UX كسردية خطية:
١- تحديد المشكلة.
٢- إجراء مقابلات مع المستخدمين.
٣- رسم واجهات أولية (Wireframes).
٤- اختبار النموذج (Prototype).
٥- “النتيجة”: تصميم نهائي.
لكنّ السؤال الأهم يغيب: ماذا تغيّر بعد التنفيذ؟
١- هل انخفضت معدلات التخلي عن الاستمارات (Drop-off Rates)؟
٢- هل تحسنت رضا العملاء (NPS)؟
٣- هل زادت الإيرادات؟
بدون مقاييس ملموسة، تصبح الدراسة مجرد قصة جذابة… لكنها غير قابلة للتصديق.
لماذا يحدث هذا؟
الخوف من الفشل: قد لا تكون النتائج مبهرة، فيلجأ المصممون لإخفائها خلف تفاصيل العملية.
الثقافة السائدة: بعض الشركات تُكافئ “الجدية” في العمل أكثر من “الفاعلية”.
غياب المتابعة: قد لا يُتاح للمصممين الوصول إلى بيانات ما بعد التنفيذ.
حان الوقت لثورة في دراسات الحالة: من “ماذا فعلنا” إلى “ماذا حققنا”
لإعادة الثقة في قيمة دراسات الحالة، يجب أن تصبح نتائجُ المستخدم محوراً رئيسياً، وذلك عبر:
1. ربط كل خطوة بمؤشر أداء (KPI):
- مثال: “أظهرت المقابلات أن 70% من المستخدمين يجدون التسجيل معقداً. بعد إعادة التصميم، انخفضت مدة التسجيل من 3 دقائق إلى 45 ثانية.”
2. الاعتراف بالفشل كجزء من القصة:
ليس كل مشروع يُنتج نتائج مثالية. توثيق الإخفاقات (مثل: “خفضنا عدد الخطوات، لكن التحويل لم يتحسن بسبب X”) يضفي مصداقية ويُثري المجتمع.
3. استخدام البيانات البصرية (Data Visualization):
مخططات تُظهر التحسن في النسب، أو مقارنة بين الإصدار القديم والجديد عبر لقطات الشاشة مع التوضيح الرقمي.
4. التركيز على تأثير الأعمال (Business Impact):
كيف ساهم التصميم في تحقيق أهداف الشركة؟ مثال: “زيادة التحويلات بنسبة 25% ساهمت في رفع الإيرادات الشهرية بمقدار X دولار.”
التحديات والانتقادات المحتملة
قد يرى البعض أن:
“بعض المشاريع لا تُنتج بيانات قابلة للقياس بسهولة.”
الرد: حتى في هذه الحالات، يُمكن استخدام مقاييس نوعية (Qualitative) مثل شهادات المستخدمين أو تقييمات الرضا.
“العمليات مهمة لفهم سياق القرارات.”
الرد: نعم، لكن يجب ربطها دائماً بالهدف النهائي. الشرح ليس هدفاً بحد ذاته.
المهزلة ليست في الدراسات… بل في انفصالها عن الواقع
التركيز على العمليات دون نتائج يُشبه تقديم وصفة طهي دون تذوق الطبق النهائي. دراسات الحالة يجب أن تكون جسراً بين التصميم والأثر الواقعي. إذا استمرت كأداة للتسويق الذاتي فقط، فستفقد قيمتها… ويصبح السؤال المشروع: كم من الوقت سنضيّعه قبل تغيير هذه العادة؟
نصيحة أخيرة للمصممين:
في مشروعك القادم، ابدأ من النهاية:
– ما الذي تريد تحقيقه؟
–كيف ستقيس النجاح؟
اجعل هذه الأسئلة أساساً لدراسة الحالة، وستتحول من “سردية مملة” إلى “دليل إقناع لا يُغفل”.






